موضوع: شروط العلم النافع الثلاثاء أبريل 26, 2016 7:59 pm
شروط العلم النافع العلم النافع أو المنهج الصادق أو القانون الناجع له خواص ثلاث: إحداها: العموم والإطراد فمثلا إذا قلنا "العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما" فهذه القاعدة مطردة فى الطبيعيات فالنار مثلا علة الاحراق ولا توجد نار بدون احراق؛ ولكن فى الشرعيات فالقاعدة ليست مطردة فلو قال قائل علة الحدود الزجر فقد نجد الكثير من الناس لا ينزجر بالحدود, وإن قيل العلة فى تحريم ربا النساء حاجة الفقراء ما انطردت هذه العلة فالبنوك ليست فقيرة. و تخلف هذه الخاصية قادح في جعله علم نافع أو صادق لأن عدم الإطراد يدل على ضعف الوثوق به ويقربه من الأمور الإتفاقية الواقعة عن غير قصد فلا يوثق به ولا يبني عليه والثانية: الثبات فمثلاً إذا قيل: "المعادن تتمدد بالحرارة" فهذا القانون صادق وثابت لأنه لا يوجد معدن لا يتمدد بالحرارة ، وإن قلنا:"إذا ورد نص معلقاً بصفةٍ مافإن ما عداتلكالصفة، فواجب أن يحكم فيه بخلاف الحكم في هذا المنصوص" وهذا الذى يطلق عليه (دليل الخطاب)فهذه القاعدة ليست ثابتة فقول الله عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ }[الأنعام: 152] ليست فيه إباحة أن يقرب مال من ليس يتيماً بغير التي هي أحسن؟ وقول الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] فليس هذا مبيحاً للظلم في سائر الأشهر غير الحرم؟ وقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}[النور: 33] ليس مبيحاً للبغاء إن لم يردن تحصناً. وقوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}[الإسراء: 31] ليس مبيح لقتل الأولاد لغير الإملاق؟ وتخلف هذه الخاصية يأباه العلم النافع وقواعده فإنه إذا حكم في قضية ثم خالف حكمه الواقع في القضية في بعض المواضع أو بعض الأحوال كان حكمه خطأ وباطلا فعُدِمَ الوثوق بحكمه والثالثة: كونه حاكماً ومبنياً عليه عمل لا محكوماً عليه بغيره من القواعد والعلوم فإن الكرامات والخوارق والرؤيا والإلهام ليست بقواعد صادقة لأنها محكومة بقوانين الشرع فلو أُلْهِم انسانٌ أن هذا الماء الجارى نجس لا يجوز له أن يتركه ويتيمم؛ فهنا نقول إن الشريعة حاكمة لا محكوم عليها وأن الكرامات والخوارق والرؤيا والإلهام محكوم عليها. فكل علم حصل له هذه الخواص الثلاث فهو علم نافع و صادق. ولتخلف بعض هذه الخواص أمثلة منهاالحكم المستخرجة لما لا يعقل معناه كإختصاص الوضوء بالأعضاء المخصوصة والصلاة بتلك الهيئة إلى أشباه ذلك مما لا تهتدي العقول إليه فيأتي بعض الناس فيدعى حِكَمَاً يزعم أنها مقصود الشاريعة من تلك الأوضاع وجميعها مبني على ظن وتخمين غير مطرد في بابه ولا مبني عليه عمل وربما كان فى هذا جناية على الشريعة في دعوى ما ليس لنا به علم ولا دليل لنا عليه ومنهاالإستناد إلى الأشعار في تحقيق المعاني فإن كان شرعياً فمقبول وإلا فلا. ومنها الإستدلال على تثبيت المعاني بأعمال المشار إليهم بالصلاح بناء على مجرد تحسين الظن لأجل ميل الناس إلى من ظهر منه صلاح وفضل ولكنه ليس بعلم نافع لعدم اطراد الصواب في عمله ولجواز تغيره فهذه أمثلة ترشد الطالب إلى ما وراءها حتى يكون على بينة فيما يأتي من العلوم ويذر فإن كثيراً منها يستحسنها طالب العلم ببادىء الرأى فيقطع فيها عمره وليس وراءها ما يفيد في عمل ولا اعتقاد فيخيب سعيه في طلب العلم والله الواقي
الرئيسية
الثلاثاء أبريل 26, 2016 7:59 pm