بركات الطاعات


الملاحظات

قوانين موقع الطالب الجزائري - مهم للجميع

سياسة التعليق و المشاركة - يجب الاطلاع عليه

صفحة الاتصال بموقع الطالب الجزائري

من نحن ؟!

آخر المواضيع

تمارين البكالوريا في القسمة و الموافقات و الأعداد الأولية لطلبة 3 ثانوي
سلسلة رقم 1 في القسمة و الموافقات في Z لطلبة الثالثة ثانوي
توقعات بكالوريا 2017 في الرياضيات شعبة علوم تجريبية
الحلول المفصلة لمواضيع الرياضيات لبكالوريا 2016 شعبة العلوم التجريبية
طرائق و امثلة في الهندسة الفضائية لطلبة الثالثة ثانوي
تمارين مرفقة بالحل في القسمة و الموافقات في Z من نشر الاستاذ حجاج براهيم
تمارين الحساب و الموافقات في البكالوريا النسخه الجديدة 2017

الإثنين أبريل 01, 2019 2:45 pm
الإثنين أبريل 01, 2019 2:29 pm
الأحد مايو 28, 2017 5:19 pm
الأربعاء مايو 24, 2017 4:36 pm
الأحد مايو 21, 2017 7:20 am
السبت مايو 20, 2017 12:04 pm
السبت مايو 20, 2017 12:02 pm








مرحبا أيها الزائر الكريم, قرائتك لهذهالرسالة... يعني انك غير مسجل لدينا في الموقع .. اضغط هنا للتسجيل .. ولتمتلك بعدها المزاياالكاملة, وتسعدنا بوجودك

معلومات العضو
زائر
Anonymous
زائر


البيانات الشخصية


معلومات الإتصال
موضوع: بركات الطاعات بركات الطاعات Emptyالثلاثاء أبريل 26, 2016 6:03 pm

معاشر المؤمنين..


وصية الله لكم في كتابه المبين في كل آن وحين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).


إخوة الإيمان والإسلام..


ما زلنا نتفيأ ظلال الرحمة ونعيش في أجواء النعمة مع شهر رمضان المبارك وفريضة الصوم الجليلة، وأحب اليوم أن أعيش معكم في خواطر مع الحِكم والأسرار واللطائف في هذه العبادة، لأن حواراتنا وقضايانا وأطروحاتنا للأسف الشديد لا تحوم حول ذلك مما ينبغي أن ننشغل به وأن نتذاكر حوله، بل اليوم وإن كان ذلك فيه جوانب لابد منها لكننا انشغلنا بالقضايا التي تثار في المسلسلات والقضايا التي تثار في النزاعات وبعدنا عن أن نبقى في شهرنا وفي فريضتنا ومع صيامنا.


سأنقلكم في هذه التأملات إلى نوع من الاتجاه المعاكس والصورة المغايرة التي جعلت مخالفة للجوانب المادية المحسوسة لأن لها تعلقاً بالنواحي الإيمانية والعبادية، لأن لها مقاييس مختلفة عن أسبابنا الدنيوية ولعل البدء يفيد في معرفة المراد.


في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحيح عند البخاري ومسلم وغيرهما قال: "والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وهنا تأملوا في هذا القسم من أبي القاسم عليه الصلاة والسلام "والذي نفس محمد بيده" للعناية بالأمر للفت النظر، ولماذا؟ لأن الأمر فيه غرابة ولأن المذكور أمراً ليس مألوفاً بل مناقضاً للمألوف "خلوف فم الصائم" أي: رائحة فم الصائم عندما تكون معدته خالية لم يأكل ولم يشرب لساعات طويلة، الرائحة في المقياس المادي والطبيعي رائحة كريهة منفرة ليست مرغوبة ولا محبوبة، ولذا جاءت الحكمة وجاءت النعمة وجاءت الهبة الربانية على خلاف ذلك، لماذا؟ لتكون الحكمة ظاهرة في أن كل أمر تتعلق فيه بالله وكل فعل تستجيب فيه لأمر الله وكل قضية محورها ورحاها رضوان الله تنقلب على العكس، ويكون فيها الخير الذي قد لا يتأمله كثير من الناس، "خلوف فم الصائم" هذا عند الله سبحانه وتعالى "أطيب من ريح المسك" عجيب هذا الوصف الذي يأتينا من أقصى اليمين في رائحة كريهة إلى أقصى الجهة الأخرى في أطيب رائحة وهي رائحة المسك، قال البيضاوي: "تفضيل لما يستكره من الصائم على أطيب ما يستلذ من جنسه"، يكره من الصائم خلوف فمه جعله الله عز وجل أطيب من أعظم ما يستلذه الناس أو يستروحونه من تلك الروائح الطيبة، ليقول لك الله عز وجل والحديث هذا في روايته أنه قدسي ليقول لك: كن معي سيتغير كل شيء إلى الأفضل والأمثل الذي ليس له مثيل، كن في عبادة الله عز وجل وسترى الأحوال على غير الأحوال التي يراها الناس، قال ابن عبد البر في شرح الحديث "أطيب عند الله": "أزكى عند الله وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك"، الرائحة الطيبة تجعلك تقترب من صاحبها، فإن كانت هذه الرائحة وصفها الله بأنها أطيب من ريح المسك فهي مقربة لك إلى الرب سبحانه وتعالى بجلاله وعظمته، هي ضرب من العبادات التي تجعلك في المقام الأقرب والأرفع عند الله سبحانه وتعالى، قال ابن حبان -وهذا تمييز لأهل الإيمان- قال عن هذا: "شعار المؤمنين في القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا" فرقاً بينهم وبين سائر الأمم يأتون يوم القيامة غراً محجلين أي: نور عليهم في أعضاء الوضوء، ثم قال: "وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوفهم أطيب من ريح المسك ليعرفوا بذلك في ذلك الجمع"، إذاً أول ملحوظة أيها الإخوة نرى فيها هذا المعنى حتى إن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم في آخر النهار، نقل ابن عبد البر عن الإمام الشافعي قال في شأن السواك: "إلا أني أكرهه للصائم من أجل الحديث في خلوف فم الصائم" وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وهو مروي عن عطاء ومجاهد، عظمة نحن لا نلتفت إليها وأظننا لا نتناقش فيها ولو كان الحديث في جانب آخر لو نزل عطر جديد أو جاءت رائحة جديدة لربما كانت مثار حديث لكننا أيها الإخوة مقصرون في أن نعيش مع النصوص الشرعية بعقولنا تفكراً وتأملاً وبقلوبنا استشعاراً وروحانية وإيماناً حتى نلامس معانيها، هذه النصوص ليست بلاغات ليست بلاغيات ليست كلاماً إنشائياً إنها خبر حق من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كل ما فيها صحيح صادق يقيننا به لا ينبغي أن يتطرق إليه أدنى شك فأين نحن من هذا؟.


وأنقلكم إلى صورة أخرى لنرى أيضاً ضرباً من الأمر الذي يناقض في الظاهر، في الحديث الصحيح عند البخاري ومسلم والرواية عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي فيه ذكر أبواب الجنة وقال فيه عليه الصلاة والسلام: "فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة -أي ليدخل الجنة  من باب الصلاة- ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة" وأظننا نلاحظ أن كل العبادات سميت أبوابها بها باب الصلاة باب الجهاد باب الصدقة، من كان يصلي يدخل من باب الصلاة، ومن كان يجاهد يدخل من باب الجهاد، إلا الصوم سمي باب الريان ولم يسمى باب الصوم وأحسب أن الحكمة ظاهرة وهي أيضاً فيها نوع من المقابلة لما كان الصوم جوعاً ربما يكون شديداً، وعطشاً ربما يكون عظيماً، جُعل الباب باب الريان الرواء والسقيا والشعور بما يؤثر به هذا الرواء على الإنسان بعد عطشه وكأنها عطية الله سبحانه وتعالى الخاصة.


ثم أنقلكم إلى النص الآخر الذي أحسب أن كل كلمة فيه تحتاج لتأمل، وما ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام يحتاج إلى أن نعيش معه ونقف كثيراً وطويلاً لأن النص فيه دلالات عظيمة هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً في الصحيح: "إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون -ثم مرة أخرى- لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد"، هل هناك وضوح أكثر من هذا!؟ خصوصية عظيمة وهي لمقابلة كما نقول معاكسة لما كان هذا الصوم عن الطعام والعطش جاء هذا النعيم والخصوصية بهذه التسمية باب الريان وبهذه الصفة "بابٌ يقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون" ثم يقول: "لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق" فهذا لفت نظر إلى أن ما تفعله لله يكون عكسه ويكون ضده من الخير ومن العطاء ومن الخصوصية الربانية ومن المنحة الإلهية ومن الفيوض التي يسوقها الله عز وجل لكل مؤمن وعابد وطائع ومستجيب لأمره جل وعلا.


وأنتقل أيضاً إلى ثالثة وهي أوسع وكلنا نحفظ هذا الشطر من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو من جوامع كلمه ونكرره لكنني أحسب أن تأملنا فيه أو حوله دون المستوى المطلوب وأما امتثالنا فهو أكثر بعداً عن المستوى المطلوب: "الصوم جُنة" كلمتين مختصرتين وواضحتين "جُنة" أي: وقاية، أي: ستر، أي: حصن، أي: سلامة، أي: نوع من الحصون التي تعيش فيها في أمان مطمئن لا تخاف لا يزيغ بك هوى ولا تستزلك أو تستذلك شهوة ولا يغويك وسواس شيطان ولا يقودك شيطان من شياطين الإنس لأنك في حصن وأمان، "الصيام جُنة، فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين"، تأمل ولا أريد أن أقول إن التأمل سيكون فيما تذهب إليه الأذهان بشكل سريع ومباشر أننا نمتنع عن المعاصي والآثام التي نعرفها من نظر محرم ومن فعل محرم وغير ذلك، لكنني أقول انظر إلى ما هو أيضاً أعظم: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9)، "الصوم جُنة" في هذه الأبواب الخطيرة أبواب علل النفس وأدواء القلوب التي تركن بالإنسان إلى الأرض، التي تجذبه إلى طينيته، التي تنحو به إلى شهوانيته وهنا في صومه يقوى بإذن الله عز وجل، بل إننا ننظر ذلك أيضاً كما في نص الحديث في رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "جُنة من النار" لماذا؟ لأن النار حفت بالشهوات ولأننا في رمضان ومع الصوم نكون أقوى في مواجهة هذه الشهوات والانتصار عليها، قال ابن حجر رحمه الله: "إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساتراً له في الدار الآخرة،" فكأن الجُنة تكون أيضاً للدار الآخرة كما قلنا في شأن الرائحة لخلوف فم الصائم وكما قلنا في شأن باب الريان يوم القيامة، وفي رواية عند الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من حديث عثمان بن أبي العاص: "الصيام جُنة كجُنة أحدكم من القتال" مثل الدرع تماماً، صورة تشبيهية واضحة، الدرع لاصق بجسدك الدرع تتصدى به لكل شيء وأنت عندك كثير من الطمأنينة أنك في حماية ووقاية، وفي لفظ آخر عند الإمام أحمد في مسنده من رواية أبي عبيدة رضي الله عنه قال: "الصوم جُنة ما لم يخرقها" وهذه هي المشكلة التي عندنا، هذا الساتر نخرقه ونخرقه ونخرقه حتى لا يبقى منه شيء ينفع في الستر ولا في الحماية والوقاية، كيف يخرقها؟ بكل معصية من المعاصي، ولذلك حقيقة هذا الصوم في كونه جُنة أنه يخلصك ويحميك من شح نفسك ويحميك من الهوى والميل للشهوة، ويحميك كذلك من الانتصار للنفس، إذا تكلم عليك أحد تأخذك الحمية لترد له الصاع صاعين، يثور بك الغضب لتبطش به فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ويقول لك: "لا يرفث" وهو فاحش القول، "ولا يجهل" وهو قبيح الفعل، "وإن امرؤ قاتله أو شاتمه" قاتله أي لعنه أو نازعه "فليقل إني صائم مرتين"، ليلجأ إلى حصنه ليعد إلى جنته فهو حينئذ ينتصر على انتصاره لنفسه فيكون أقوى، وكذلك انتصار على الغيرة والحسد لأنه قد ورد بالنسبة لخرقها أي لخرق هذه الجُنة أنها تكون بأمور من أشهرها الغيبة، وهذا الذي ورد عن كثير من العلماء كما روت حفصة بنت سيرين عن أبي العالية قال: "الصائم في عبادة ما لم يغتب أحداً وإن كان نائماً على فراشه" يعني إن كان الصائم نائماً على فراشه دون غيبة فهو في عبادة، ولذلك قالت حفصة بنت سيرين في هذا الأمر: "نعم العبادة وأنت نائم" تكف عنك الناس، تكف شر الناس عنك، قال: ما لم يخرقها أي: بهذه الغيبة، إذاً أيضاً مرة أخرى هنا الجُنة حماية ووقاية والظاهر أن الإنسان الصائم مفترض أنه ضعيف لكننا نراه قوياً في إرادته وعزيمته وقوياً في انتصاره على شهوته وقوياً في انتصاره على غضبه، وقوياً في انتصاره على هواه، وقوياً في انتصاره على ضعفه وعجزه، ألا ترون أنه يقوم الليل، ألا ترون أنه يستكثر من تلاوة القرآن، ألا ترون أنه يغالب نفسه فينفق في سبيل الله، ألا ترون أنه يصل من قطعه ويعطي من حرمه، ألا ترون أنه يخالف شيطانه ويوافق إيمانه، ألا ترون أنه بالفعل يتغير وصورته الظاهرة خلاف ما قد تكون عليه آثار الصوم المادية المحسوسة إذا لم نأخذ جانبها الإيماني، والجزاء من جنس العمل "فليقل إني صائم" أي: ليمسك نفسه ليعفو فمن عفا عفي عنه ومن غفر غُفر له، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} (النور: 22)، هذا ضرب آخر من الضروب التي نرى فيها حكمة الصوم فيما هو على غير الظاهر وربما اليوم وقد ذكر ذلك العلماء من القديم، وقد اطلعت على كلام لبعض شراح الحديث من قبل يقولون إن بعض الناس يخالف ذلك أي: يغضب ويرفث ويجهل والعجيب أنه يستدل أو يبرر ذلك بصومه، فيقول: اذهب عني فإني صائم، لا تؤاخذني فإني صائم، نحن بهذا نعكس دلالة النصوص ونعكس حكمة التشريع، ونناقض النعمة والرحمة التي ساقها الله لنا لتكون عوناً لنا على أنفسنا وتقوية لإيماننا وقدرة على أن نغير إلى الأفضل فيغير الله سبحانه وتعالى لنا: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11).


ووقفة مع هذه الجملة القصيرة "الصوم جُنة" لأنقلكم وأختم بها في ربط بين الحديث الآخر المذكور في "الطهور شطر الإيمان" قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلاة نور والصدقة برهان"، وعندنا هنا "الصوم جُنة"، نحن في رمضان يكرمنا الله بالثلاثة كلها، فنحن نصلي ونواظب على الصلاة ونزيد فيها صلاة في قيام الليل وفي استكثار من السنن بشكل عام، والصدقة ونحن كذلك نتنافس فيها ونتسابق إليها ونجتهد أقصى ما نستطيع في شهر رمضان، فكأننا من المفترض رغم كل ما قد يوحيه الصوم من أسباب مادية من ضعف أو عجز أو غير ذلك إلا أننا في نور نرى إشراقه في قلوبنا وفي برهان نقدمه من صدق عملنا وإنفاقنا وبذلنا وطاعتنا لله عز وجل ثم ذلك كله جُنة ووقاية وستر وحماية لنا من عذاب الله سبحانه وتعالى.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا بحقائق ديننا وأن يذيقنا لذة الطاعات والعبادات وأن يفقهنا في ديننا وفي حكم تشريعنا وأن يجعلنا ممن يتقبل صيامهم وقيامهم ونسأله عز وجل أن يحسن ختامنا في شهرنا وأن يمن علينا في ختامه بالمغفرة والقبول والرضوان والعتق من النيران.


الخطبة الثانية:


إخوة الإيمان..


أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى، فهي أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه.


ونحن في موسم التقوى الأعظم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).


وقبل أن أذكر بعض ما أنبه عليه في سياق حديثنا هذا أقول هل جرى في حديثنا في أيامنا الماضية في جلساتنا مع أصدقائنا أو مع عوائلنا حديث حول هذه المعاني أم أن الحديث كما قلت عن بعض أنواع الأطعمة أو الأشربة أو عن ما يجري في الأسواق أو مجريات الأحداث أو عن ما يجري في المسلسلات أقول -أيها الإخوة- سينقضي الشهر ونريد أن نعيش معه وفيه حتى لو احتجنا أن نجعل سياجاً يفصلنا عن هذه الترهات التي تشغلنا وعن تلك الموجات التي تتقاذفنا يمنة ويسرة فلا نبقى في بوصلة العبادة ولا نبقى في اتجاه الطاعة ولا نبقى مقيمين على الفريضة كما ينبغي أن تكون، ولذلك أختم بنقطة وأعرج على واقعنا في آخرها، الصوم عبادة سر ولذا ورد في الحديث: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" بينك وبين ربك لكنه على مستوى الأمة هو من شعائر هذا الدين، فكل الدنيا من غير المسلمين ومن المسلمين يعرفون الصوم لا يعرفونه لأنهم يعرفوني أو أنت أو هذا أو ذاك لم يأكل ولم يشرب، لكن المظاهر التي فيه، وأشير إليكم ببعضها، الصلوات في قيام الليل تجمع جموع المسلمين كما لا يجتمعون في غير رمضان، ولو تسنى لبعضنا أن يرى كيف يجتمع المسلمون بالذات في البلاد غير الإسلامية لرأينا تظاهرة عجيبة يندهش لها الناس كيف تجتمع هذه الجموع؟ كيف تصلي هذه الصلوات؟ كيف تقضي هذه الساعات؟ كيف تجعل الليل كله في تلاوة القرآن والركوع والسجود؟ ثم انظر إلى جانب آخر وهو جانب تلاوة القرآن ومرات وكرات أعيد هل لأحد أن يتخيل كم عدد الختمات التي تختم للقرآن في رمضان سواء كانت في المساجد أو كانت على مستوى الأفراد أو كانت على مستوى هذه الملايين والمليارات من أمة الإسلام أمر عجيب والعجيب أنه يكون معلناً وظاهراً يدوي في كل المساجد وهذا لا يوجد في أي أمة من الأمم، مظهر ثالث مظهر إفطار الصائم وتفطير الصائمين وهذا من حكمة التشريع أنه جعلت خصوصيته "من فطر صائماً فله مثل أجره" والكفارات في الصيام مرتبطة بإطعام الطعام لعظمة هذه الشعيرة التي نرى فيها اليوم صورة ضخمة هائلة في شهر رمضان وتختم كذلك بزكاة الفطر في ختامه فكأن الأمة في تظاهرة عظيمة معلنة في شأن الإنفاق في سبيل الله وفي شأن الرحمة الإنسانية وفي شأن النظر إلى المحرومين الذين لا يجدون قوت يومهم، ونجد هذه الصورة حتى إنها كذلك تخيل هل يمكن أن تحصي كم تمرة من التمرات التي تقدم لإفطار الصائمين في طول بلاد المسلمين وتجمعاتهم وعرضها، شيء هائل يجعلنا نقول إن الصوم هو تظاهرة عظيمة تظهر فيها الأمة كما تظهر في الحج في رقعة من الأرض هنا تظهر في كل فجاج الأرض أمة صائمة قائمة تالية منفقة عابدة ليس في أفراد قلائل بل في جمهورها وعمومها كأنها تعلن حقيقة هذه الأمة أمة عبادة الله أمة متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة الانتصار على الشهوات وعلى ميل الإنسان وركونه إلى الدنيا إلى الانتقال والسمو إلى الملأ الأعلى وإلى العبادة والطاعة والإيمان كما ينبغي أن يكون وهذا باب واسع.


سأختم بخسارة مؤلمة فظيعة بشعة عندما نرى بعض هذه الوجوه التي أشرت إليها وهي قليل من كثير وغيض من فيض ثم نرى أننا لا نفكر فيها ولا نعيش معها ولا نحرص عليها ولا نتواصى بها، بل إننا في بعض أحوالنا نأتي بعكسها، فالنوم نهاراً حتى يأذن الله والسهر ليلاً في لهو وغي والمتابعات والاستهزاء بالدين والقتل الذي نراه على غير ملة أو دين ولا إسلام ولا إنسانية كل هذا يقول لنا إننا مسؤولون عن أنفسنا إن لم نحافظ على رمضاننا وصيامنا وهذه المعاني العظيمة التي أكرمنا الله بها فإننا سنخوض مع الخائضين وننام مع النائمين ونلهو مع اللاهين، واليوم قد انقضى من الشهر أكثر من ربعه ويوشك أن نصل إلى ثلثه وستتصرم أيامه وتنقضي لياليه ونحن ما زلنا بعيداً عن أجوائه لسنا في حقائقه لا نعيش في حكمه ولا نرتبط بدلالاته، وهذه المعاني التي أشرت إليها متعارضة مذكورة في عبادات كثيرة كل عنوانها أن ما يكون لله يكون مختلفاً عما يظنه عباد الله وخلق الله أجمعين، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للشهيد الذي يقتل أنه لا يغسل ولا يكفن مع أن التغسيل والتكفين والتطييب تطهير له لماذا؟ قال: "يأتي يوم القيامة يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك" لأن هذا لله عز وجل فيكون له أثر مغاير وصورة مختلفة، الحاج والمعتمر إذا مات وهو محرم فإنه يدفن في إزاره وردائه دون أن يغسل ويكفن ليبعث يوم القيامة محرماً، كل أمر من الطاعة والعبادة يكون له أثر مغاير ويكون له أثر عظيم ويكون له امتداد يصل إلى يوم القيامة بين يدي الله سبحانه وتعالى، فخسارة عظيمة أن نبقى في هذه الأيام وفي هذه الفريضة على وجه غير الذي نراه وخاصة ما أراه وترونه ونكرره دائما من العناية بثلاثة أمور تشغل الناس وتقضي من أوقاتهم أكثر مما يقضون في صلاتهم وتلاوتهم: الأطعمة والأشربة وانظروا إلى الطوابير الكثيرة والزحام الشديد وكأنه لن يصح صوم إذا لم نأخذ هذا النوع أو ذاك النوع من الطعام، والأسواق بالأكسية والأحذية في أول الشهر وتزداد في آخره، والصورة الثالثة كذلك التي ننشغل بها الشاشات والمسلسلات التي تريد أن تسلينا وتضحكنا لست أدري لماذا؟ هل نحن مغمومون بصيامنا!؟ هل نحن في هم وكرب حتى يأتي من يسري عنا!؟، المفترض أننا في غاية السرور والحبور وانشراح الصدور لأننا في طاعة وعبادة، الصلاة التي فيها تعب قال النبي: "أرحنا بها يا بلال" قال: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، اجعلوا الأمر لله سيأتيكم بعكس ما يراه الناس.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لطاعته ومرضاته وأن يعيننا على صيام رمضان وقيامة وكما بلغنا الشهر وأعاننا على أوله أن يبلغنا آخره ويعيننا عليه يا رب العالمين.






 توقيع العضو : زائر 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

بركات الطاعات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1

مواضيع مماثلة

-
» من بركات سورة البقرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الطالب الجزائري Algerian Student Site :: الاقسام العامة ::   :: القسم الديني و الاسلامي-
أقسام المنتدى

موقع الطالب الجزائري ، مدرسة أسست بهدف مساعدة التلميد في دراسته و دلك بطرق تعليمية وفق مناهج بيداغوجية و كنتيجة لدلك تحقيق نهصة في التعليم الجزائري
موقع الطالب الجزائري | التعليم الابتدائي | التعليم المتوسط | التعليم الثانوي | بكالوريا الجزائر | التعليم الجامعي | الإعلانات و الأخبار الإدارية | الشكايا و الإقترحات

جميع الحقوق محفوظة لموقع الطالب الجزائري Scholar-dz.com

تبرع للمنتدى | إتصل بنا